"كـلـّنـا "مـحـمـّد

لا يختلف اثنان في أن الفجور الإعلامي في استخدام الحق في حرية التعبير قد بلغ مداه وأن استباحة عرض نبينا قد تطورت إلى سياسة تمولها وتحميها دول دون أن يكون لزعماء المسلمين والعرب قطرة من عرق (الحياء) تتصبب على جباههم، أن تنطق ألسنتهم بكلمة "كفى" إهانة واستهانة بمقدساتنا..
لهذا وذاك نرى أنه من الضروري أن يتصدر للدفاع عن مقدساتنا إعلاميونا الأحرار بالكلمة الحرة فكما أن القوم قد اجتمعوا على التنديد بالإرهاب فإنه من باب القسطاس المستقيم أن نرفض بنفس الشدّة الإساءة إلى الذات الإلهية أو الخدش في عرض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. 
  "الشروق" تفتح هذه النافذة الحرة من باب حرية التعبير التي يتباكى لها العالم لتقول بكلقوة وصراحة.. نرفض الإرهاب، ولا نقبل بأي شكل من الأشكال الإساءة إلى ديننا أو نبيناولا يمكن لكائن من كان أن يعقدّنا بحرية التعبير في أن نقول كلمتنا في هذه الهجمة الشريةعلى الإسلام والمسلمين. 
إصرار مجلة "شارلي إيبدو" على نشر رسومات مسيئة إلى نبينا دفعنا في "الشروق" إلىأن نصدر عددا خاصا دفاعا عن نبينا الكريم وهو شرف لنا ونبيّن في نفس الوقت نفاقالغربيين في النواح على حرية التعبير التي يسقط ضحاياها دائما من المسلمين فقط... 
  
تحضيرا لحملة ماكارثية واسعة ضد المسلمين 
فرنسا الرسمية تمول نشر ثلاثة ملايين إساءة إلى الرسول

قبل أن تنتهي الحكومةالفرنسية من دفن ضحاياحقيقيين أو وهميين، وتدفنمعهم القرائن التي تفضحعملية إرهابية استخباراتيةمكشوفة، سارعت الحكومةالفرنسية إلى ارتكاب جريمةموصوفة في حق المسلمينبدعم وتشجيع مجلة "شارليإيبدو" على نشر عدد خاصبثلاثة ملايين نسخة سوفتوزع واحدة من أوسخالإساءات الغربية إلى الرسولمحمد تحضيرا لحملة ماكارثيةواسعة ضد المسلمين.
العدد الذي مولته وزارة الثقافةالفرنسية، صدر بصفحة أولىتحمل رسما أكثر من مسيءإلى الرسول صلى الله عليهوسلم، وهو يحمل لافتة كتبعليها "أنا شارلي" ويذرفدمعة، في رسالة خفية، تريد أن تقول إن الرسول يجيز ويبيح السخرية منه ومن الأنبياءوالرسل. وكانت مظاهرة يوم الأحد الماضي قد وضعت تحت نفس الشعار، وخدعتالملايين من الفرنسيين ومن شاركهم من القادة العرب، ومن المسلمين الفرنسيين، الذينحملوا الشعار الذي جعل منهم شركاء في إساءات شارلي السابقة إلى الرسول صلى الله عليهوسلم.
غير أن الرسم الذي تصدر عدد الأمس تفوق على الرسوم الدنمركية التي سبق أن صورتالرسول بعمامة في شكل قنبلة، في ترميز سخيف للعلاقة بين الإسلام والإرهاب. لا يمكن لهأن يتستر بالحق في الإبداع، وحرية التعبير التي وضعتها فرنسا وأوروبا الماسونيةالصهيونية فوق جميع المعتقدات والأديان، وقد سقط في دائرة الدّور الرخيص برسم عمامةللشخصية التي ترمز إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في شكل عضو تناسلي مختون.
الإساءة هذه المرة لا يمكن أن تحتمي بحرية التعبير، لأن الجهة التي مولت العدد، وجندتكل الوسائل لإعداد العدد، وضمان سحبه على هذا النطاق الواسع، هي الحكومة الفرنسية منخلال صندوق تابع لوزارة الثقافة، ولا يمكن للحكومة الفرنسية هذه المرة أن تتنصل منمسؤولياتها، كما لا يمكن لقادة الدول الإسلامية غض الطرف عن إساءة لمعتقد مليارونصف مليار مسلم، أهانتهم دولة وليس مجرد أسبوعية مغمورة، وأنهم ملزمون بطلبتوضيحات من سفراء فرنسا، ثم الذهاب إلى المحاكم برفع دعوى جماعية أمام المحكمةالأوروبية ضد الحكومة الفرنسية بتهمة "ازدراء الأديان" كما يفترض أن تتخذ إجراءاتعقابية سياسية واقتصادية ضد فرنسا، ومطالبتها بالاعتذار الرسمي، كما وجب عليها أنتطالب فورا بضمان حماية للجالية المسلمة التي تتعرض الآن لحملة واسعة من الاعتداءاتعلى المساجد وعلى الأفراد.
الحملة المسعورة ضد المسلمين، التي اشتغلت على مدار ساعات اليوم طوال الأسبوع،تحضر الرأي العام لسياسة قمعية تجاه المسلمين قد تفوق ما سلط عليها في أعقاب أحداث11 سبتمبر. صدور هذا العدد المسيء إلى الرسول من مجلة "شارلي إيبدو" برعايةحكومية لا غبار عليها، هو مؤشر خطير على إطلاق يد الإعلام الفرنسي بأنواعه لسبالمسلمين، واحتقار معتقدهم بلا حدود ولا قيود، فيما بدأ الأمن والقضاء الفرنسي ينفذ حملةماكارثية واسعة النطاق، تلاحق كل من تسول له نفسه التشكيك في العملية التي استهدفت"شارلي إيبدو" ولو على صفحات التواصل الاجتماعي، كما حصل مع الممثل الساخرديودوني لأنه نشر تعليقا يقول فيه: "أنا شارلي وكوليبالي" وقد يمتد الإجراء لملاحقة كلمن يشكك في العملية حتى خارج فرنسا.
وقد تكون الحكومة الفرنسية قد أخذت على محمل الجد الدعوة التي أطلقها رئيس الوزراءالبريطاني ديفيد كامرون في 26 سبتمبر الماضي من منصة الجمعية العامة للأمم المتحدةحيث دعا المجموعة الدولية إلى معاملة المشككين في ظروف وطبيعة منفذي أحداث 11سبتمبر كما يعامل "الإرهابيون من داعش" وقال إنه ينبغي أن تكون جريمة الرأي مثلجريمة الإرهاب، وقال على وجه الخصوص: "إن المتطرفين بلا عنف هم على نفس درجةخطورة الإرهابيين وينبغي استئصالهم بكل الوسائل المتاحة للحكومة" وألمح إلى جميعالمحللين وقادة الرأي والدعاة الذين يشككون في أحداث 11 سبتمبر وأحداث لندن سنة2005.
وعلى ما يبدو فإن الحكومة الفرنسية تريد أن تكون أول من يبادر إلى مثل هذهالتشريعات، وسوف تحتاج إلى تفجير موجة عارمة من غضب المسلمين في أعقاب نشرمجلة "شارلي إيبدو" لرسوم مسيئة إلى الرسول، لتصدر تشريعات تجرم التشكيك في ماينسبه الغرب من إرهاب إلى المسلمين، وقد بدأت العملية منذ تنظيم المسيرة تحت عنوان"أنا شارلي" التي دفعت بثلاثة ملايين فرنسي ومنهم مسلمون إلى اعتناق موقف المجلةالماجن، وتبرئة ساحتها، ودعمت الحملة، بإصدار عدد أكثر من مسيء إلى الرسول، لا يمكنلأي مسلم، كيفما كان مستوى تدينه، أن يتسامح معه، أو يتسامح مع رعاية الدولة الفرنسيةله، بما يبشر بأيام قادمة جد صعبة على المسلمين في فرنسا تحديدا وفي عموم أوروبا، وأنهلا يمكن فهم قرار الحكومة بدعم نشر هذه الإساءة إلا أنه استفزاز محسوب يريد أن ينتجأحداثا مأساوية، تسمح بتمرير مثل هذه القوانين الفاشية، التي تذكرنا بما فعلته محاكمالتفتيش مع المسلمين في الأندلس، حيث إن فرض شعار "أنا شارلي" وإلزام القياداتالروحية الإسلامية بقوله، لا يختلف عما كانت محاكم التفتيش تلزم به المسلمين بالتنكرللإسلام واعتناق المسيحية، ولأن المواطن الفرنسي المسلم الذي قد حرم منذ اليوم من انتقادوسيلة إعلامية تسيء إلى معتقده، ويجبر على القول: "أنا شارلي" هو كمن يقال له "اذكرهبل"!

Commentaires